ترمب يعود بـ 350 قرارًا مثيرًا- العالم يترقب والخليج في مرمى التغيير
المؤلف: نجيب يماني10.13.2025

مُذ بزغت شمس الاستقلال على الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1776، لا يجد المُتمعّن في تاريخها رئيسًا قد وطأ سُدّة البيت الأبيض، وأصدر في غضون أسبوعه الأول فقط ما يُقارب (350) أمرًا تنفيذيًا "صادمًا ومستفزًا" على نطاق عالمي شامل، سوى دونالد ترمب. لقد أطلق هذه القرارات بوتيرة فائقة السرعة، لم تستثنِ كائنًا حيًا، سواء كان إنسانًا أو حيوانًا، ولا حتى الطبيعة والجغرافيا، متعقبًا آثار سَلفه بايدن بنية المسح والإزالة، فلم يدع له قرارًا سابقًا إلا وأبطل مفعوله، ولا مشروعًا قائمًا إلا ونسفه تدميرًا. يُعد هذا المشهد "سابقة" في السياسة الأمريكية، حيث اعتاد الحزبان الديمقراطي والجمهوري على التناوب في تطبيق سياساتهما على أرض الواقع، مع هامش من الاختلافات الطفيفة التي لا تنحرف عن الثوابت أو تخرج عن الإطار العام المُعتاد. ولكن مع عودة الرئيس ترمب في ولايته الثانية، تحوّل كل ذلك إلى سراب، مُستمرًا في نهجه "المثير" الذي اتبعه خلال فترة رئاسته الأولى.
وبالنظر إلى الأوامر التنفيذية التي أصدرها، وما احتوته من رسائل "لاذعة" وصلت إلى الجهات المعنية، جاءت ردود الأفعال متباينة، تراوحت بين "صمتٍ حذر"، و"توجسٍ خفيّ"، و"انتقادات لاذعة"، و"خروج عن الأعراف الدبلوماسية" الموروثة، كما تجلى في تصريح العضو الدنماركي في البرلمان الأوروبي، أندرس فيستيسن، الذي أطلق عبارة "مدوية" ردًا على ترويج ترمب لفكرة شراء غرينلاند. بينما كان الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو أكثر رصانةً في تعقيبه على تغيير ترمب لجغرافيا المنطقة بتسمية "خليج بنما" بالخليج الأمريكي.
من جهته، أتى رد الرئيس الكولومبي بـ"درة" أدبية في رسالة انتشرت على نطاق واسع في الفضاء الإلكتروني، وذلك فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وإن صحت نسبتها إليه.
وإذا ما تأملنا ردود الفعل تجاه "القرارات الترمبية" الصادمة، فإن الدهشة تعقد اللسان أمام إصرار ترمب على مضايقة حلفائه في الاتحاد الأوروبي، وتكرار أسطوانته "المملة" منذ ولايته الأولى، والتي تأمر بدفع "الإتاوات" وفرض الضرائب على كل من تشملهم "الرعاية والحماية العسكرية والأمنية الأمريكية"، على حد زعمه، في صورة أقرب ما تكون دراميًا إلى مشهد "الفتوة" في رواية "الحرافيش" للأديب العالمي نجيب محفوظ.
والأمر المثير للدهشة هو أن المبرر الذي ساقه ترمب لهذه الأوامر هو "منع استغلالنا، ولن أسمح لأي دولة باستغلال أمريكا". فما كان أسرع رد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، فالديس دومبروفسكيس، الذي أكد أن "الاتحاد الأوروبي مستعد للدفاع عن مصالحه إذا اقتضت الضرورة"، محافظًا على "شعرة معاوية"، بالقول: "الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حليفان استراتيجيان، ونحتاج إلى العمل معًا، خاصة في هذا السياق الجيوسياسي المضطرب"، محذرًا من أن أي نزاع تجاري ستكون "كلفته الاقتصادية كبيرة على الجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة". غير أن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، لم يتردد في التعبير عن مخاوفه من سياسة ترمب الاقتصادية تجاه حلفائه الأوروبيين، قائلًا: "فرنسا والاتحاد الأوروبي قد يُسحقان بسبب السياسة المعلنة لدونالد ترمب، إذا لم يتحركا لمواجهتها". ومضى أبعد من ذلك بقوله إن "الولايات المتحدة قررت اتباع سياسة مهيمنة على نحو لا يصدق من خلال الدولار، ومن خلال السياسة الصناعية، ومن خلال الاستيلاء على كل الأبحاث والاستثمارات، وإذا لم نفعل شيئًا فسوف نخضع للهيمنة ونتعرض للسحق والتهميش، والأمر مناط بنا نحن الفرنسيين والأوروبيين لاستعادة زمام الأمور".
والأخطر من ذلك هو تحميل مسؤولة البنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابل مسؤولية عدم استبعادها نشوب حرب تجارية مع الولايات المتحدة، مؤكدة أنه أمر محتمل جدًا في ظل رئاسة دونالد ترمب، ومحذرة من أن هذا الأمر ستكون له عواقب وخيمة على الحركة التجارية والأسعار.
لكن نطاق الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترمب تجاوز أهل السياسة والاقتصاد، وامتد ليشمل رجال الدين، حيث تفاعل البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، مع خطط دونالد لطرد ما يزيد عن (88) ألف مهاجر غير شرعي من الولايات المتحدة، واصفًا ذلك بأنه "عار" إذا تحقق، ومبررًا ذلك بالقول إن ترمب سيجعل الفقراء الذين لا يملكون شيئًا يدفعون الثمن.
إن هذه القرارات المثيرة للجدل والمستفزة حجبت عن الأنظار في الغالب قرارًا هامًا وتاريخيًا اتخذه ترمب، وهو إلغاء الأوامر التي منحت حقوقًا "مبالغًا فيها" للمثليين والمتحولين جنسيًا، وتعهد حكومته بالاعتراف فقط بجنسين هما الذكر والأنثى، والإعلان عن عزمه على إيقاف "هوس التحول الجنسي"، وإخراج المتحولين جنسيًا من الجيش والمؤسسات التعليمية الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وأتبع ذلك بأمر لافت يقضي بأن تقضي "المتحولات جنسيًا" فترة عقوبتهن في سجون الرجال، ليتحملن بذلك ضريبة الخروج الطوعي من عالم "الأنوثة"، إلى عالم "الذكورة".
ولا يراودني شك في أنهن سيواجهن من قسوة هذا التحول ما يجعلهن يندمن على فراق عالم "الأنوثة"، ولكن بعد فوات الأوان.
ينبغي على العالم بأسره أن يهيئ نفسه لأربع سنوات لن يمر يوم واحد منها دون إثارة وقرار يهز أركان المعمورة هزًا.
وهو ما سيفتح الباب على مصراعيه لظهور قوى جديدة، وتحالفات بديلة، قد تعيد شيئًا من التوازن المنشود والتنافس الشريف، باعتباره سنة من سنن الله الأصيلة في خلقه. والمستفيد الأكبر في هذه الحالة هي الدول التي تمتلك القدرات الكافية لبلوغ المكانة التي تستحقها، بما يتناسب مع إمكاناتها ومواردها البشرية والمادية التي تمكنها من إحداث التغيير المنشود، والتحرر من دائرة التبعية والارتهان لهيمنة القطب الواحد في العصر الراهن.
ولا ألمح تلميحًا بل أجزم جزمًا بأن المملكة العربية السعودية، برؤيتها الطموحة (رؤية 2030)، ستمثل رقمًا محوريًا في معادلة العالم المتغير، الذي يشهد تحولات متسارعة ومضطربة، وذلك في ظل عهد "ترمب" الجديد، الذي سيدفع بالأمور نحو حافة المواجهة بصورة أو بأخرى، الأمر الذي يستلزم وعيًا متجددًا، وفهمًا مغايرًا، واستعدادًا واعيًا ومستنيرًا.
وبالنظر إلى الأوامر التنفيذية التي أصدرها، وما احتوته من رسائل "لاذعة" وصلت إلى الجهات المعنية، جاءت ردود الأفعال متباينة، تراوحت بين "صمتٍ حذر"، و"توجسٍ خفيّ"، و"انتقادات لاذعة"، و"خروج عن الأعراف الدبلوماسية" الموروثة، كما تجلى في تصريح العضو الدنماركي في البرلمان الأوروبي، أندرس فيستيسن، الذي أطلق عبارة "مدوية" ردًا على ترويج ترمب لفكرة شراء غرينلاند. بينما كان الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو أكثر رصانةً في تعقيبه على تغيير ترمب لجغرافيا المنطقة بتسمية "خليج بنما" بالخليج الأمريكي.
من جهته، أتى رد الرئيس الكولومبي بـ"درة" أدبية في رسالة انتشرت على نطاق واسع في الفضاء الإلكتروني، وذلك فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وإن صحت نسبتها إليه.
وإذا ما تأملنا ردود الفعل تجاه "القرارات الترمبية" الصادمة، فإن الدهشة تعقد اللسان أمام إصرار ترمب على مضايقة حلفائه في الاتحاد الأوروبي، وتكرار أسطوانته "المملة" منذ ولايته الأولى، والتي تأمر بدفع "الإتاوات" وفرض الضرائب على كل من تشملهم "الرعاية والحماية العسكرية والأمنية الأمريكية"، على حد زعمه، في صورة أقرب ما تكون دراميًا إلى مشهد "الفتوة" في رواية "الحرافيش" للأديب العالمي نجيب محفوظ.
والأمر المثير للدهشة هو أن المبرر الذي ساقه ترمب لهذه الأوامر هو "منع استغلالنا، ولن أسمح لأي دولة باستغلال أمريكا". فما كان أسرع رد المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، فالديس دومبروفسكيس، الذي أكد أن "الاتحاد الأوروبي مستعد للدفاع عن مصالحه إذا اقتضت الضرورة"، محافظًا على "شعرة معاوية"، بالقول: "الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حليفان استراتيجيان، ونحتاج إلى العمل معًا، خاصة في هذا السياق الجيوسياسي المضطرب"، محذرًا من أن أي نزاع تجاري ستكون "كلفته الاقتصادية كبيرة على الجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة". غير أن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، لم يتردد في التعبير عن مخاوفه من سياسة ترمب الاقتصادية تجاه حلفائه الأوروبيين، قائلًا: "فرنسا والاتحاد الأوروبي قد يُسحقان بسبب السياسة المعلنة لدونالد ترمب، إذا لم يتحركا لمواجهتها". ومضى أبعد من ذلك بقوله إن "الولايات المتحدة قررت اتباع سياسة مهيمنة على نحو لا يصدق من خلال الدولار، ومن خلال السياسة الصناعية، ومن خلال الاستيلاء على كل الأبحاث والاستثمارات، وإذا لم نفعل شيئًا فسوف نخضع للهيمنة ونتعرض للسحق والتهميش، والأمر مناط بنا نحن الفرنسيين والأوروبيين لاستعادة زمام الأمور".
والأخطر من ذلك هو تحميل مسؤولة البنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابل مسؤولية عدم استبعادها نشوب حرب تجارية مع الولايات المتحدة، مؤكدة أنه أمر محتمل جدًا في ظل رئاسة دونالد ترمب، ومحذرة من أن هذا الأمر ستكون له عواقب وخيمة على الحركة التجارية والأسعار.
لكن نطاق الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترمب تجاوز أهل السياسة والاقتصاد، وامتد ليشمل رجال الدين، حيث تفاعل البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، مع خطط دونالد لطرد ما يزيد عن (88) ألف مهاجر غير شرعي من الولايات المتحدة، واصفًا ذلك بأنه "عار" إذا تحقق، ومبررًا ذلك بالقول إن ترمب سيجعل الفقراء الذين لا يملكون شيئًا يدفعون الثمن.
إن هذه القرارات المثيرة للجدل والمستفزة حجبت عن الأنظار في الغالب قرارًا هامًا وتاريخيًا اتخذه ترمب، وهو إلغاء الأوامر التي منحت حقوقًا "مبالغًا فيها" للمثليين والمتحولين جنسيًا، وتعهد حكومته بالاعتراف فقط بجنسين هما الذكر والأنثى، والإعلان عن عزمه على إيقاف "هوس التحول الجنسي"، وإخراج المتحولين جنسيًا من الجيش والمؤسسات التعليمية الابتدائية والمتوسطة والثانوية، وأتبع ذلك بأمر لافت يقضي بأن تقضي "المتحولات جنسيًا" فترة عقوبتهن في سجون الرجال، ليتحملن بذلك ضريبة الخروج الطوعي من عالم "الأنوثة"، إلى عالم "الذكورة".
ولا يراودني شك في أنهن سيواجهن من قسوة هذا التحول ما يجعلهن يندمن على فراق عالم "الأنوثة"، ولكن بعد فوات الأوان.
ينبغي على العالم بأسره أن يهيئ نفسه لأربع سنوات لن يمر يوم واحد منها دون إثارة وقرار يهز أركان المعمورة هزًا.
وهو ما سيفتح الباب على مصراعيه لظهور قوى جديدة، وتحالفات بديلة، قد تعيد شيئًا من التوازن المنشود والتنافس الشريف، باعتباره سنة من سنن الله الأصيلة في خلقه. والمستفيد الأكبر في هذه الحالة هي الدول التي تمتلك القدرات الكافية لبلوغ المكانة التي تستحقها، بما يتناسب مع إمكاناتها ومواردها البشرية والمادية التي تمكنها من إحداث التغيير المنشود، والتحرر من دائرة التبعية والارتهان لهيمنة القطب الواحد في العصر الراهن.
ولا ألمح تلميحًا بل أجزم جزمًا بأن المملكة العربية السعودية، برؤيتها الطموحة (رؤية 2030)، ستمثل رقمًا محوريًا في معادلة العالم المتغير، الذي يشهد تحولات متسارعة ومضطربة، وذلك في ظل عهد "ترمب" الجديد، الذي سيدفع بالأمور نحو حافة المواجهة بصورة أو بأخرى، الأمر الذي يستلزم وعيًا متجددًا، وفهمًا مغايرًا، واستعدادًا واعيًا ومستنيرًا.